الآخر: الشرق في سياقات التثاقف في الفكر الاجتماعي الحديث
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
تعد ظاهرة الآخر المختلف من الظواهر الاجتماعية التي حظيت باهتمام علمي الاجتماع والأنثروبولوجيا لأنها من افرازات عملية التثاقف والاتصال بين الحضارات المختلفة، وعلى الرغم من تعدد أنواع هذا الآخر إلا أنه بحكم الإطار النظري والمنهجي لعلمي الاجتماع والأنثروبولوجيا فقد ركزا الاهتمام بالآخر المختلف كلياً حضارياً وثقافياً عن (النحن الجماعية) لأن تثاقف واتصال الحضارات الإنسانية مع بعضها لا يعني أن هذه الحضارات متساوية مع حيث درجة التطور والنمو، بل إنها محتفلة ومتباينة مع بعضها، إن هذا التباين والاختلاف في درجة تطور كل حضارة يسهم في خلق إشكالية تباين النظرة للآخر المختلف (أمة – شعب - حضارة) إن وجود النظرة للآخر المختلف يخلق نوعاً من التصورات والأطر الفكر والأيديولوجية التي تؤسس لقوالب نمطية تعزز الشعور ب (نحن الجماعية) وان هذا الشعور بالنحن الجماعية يُعد شرطاً اساسياً لوجود الآخر المختلف حضارياً وثقافياً.
إن التثاقف والاتصال بين حضارة الغرب والحضارات الشرقية في المجالات المختلفة قد أفرز إشكالية تقوم على فروق واختلافات كبيرة بين الآخر الشرق المختلف كلياً وبين حضارة الغرب، إن مثل هذه الإشكالية قد أسس لها الفلاسفة اليونانيين القدماء من إبقراط إلى أفلاطون وأرسطو وعضدها وتبناها فلاسفة الرومان ومفكرو عصر الحداثة من موتسكو وهيكل وكارل ماركس وانجلز وفيتفوغل وبارنس.
إن الحصيلة الفكرية التي انتجتها عقول الفلاسفة اليونانين والرومانين القدماء والمفكرين والعلماء منذ عصر الحداثة إلى يومنا هذا عن علاقة (النحن) الغرب بالآخر الشرق قد بلورت عدد من الانطباعات والتصورات والخصوصيات التي ساهمت في خلق قوالب نمطية تؤكد عبقرية الحضارة الغربية وتفوقها وقدرتها على السيطرة والقيادة وتضع من شأن الحضارات الشرقية وتسعى لتقزيم دورها وإظهار فشلها وعدم قدرتها على التطور والنمو بحيث أصبحت هذه الأطر الفكرية والتصورات تأخذ طابع الحقائق العلمية التي لا يمكن رفضها أو قبول الشك فيها.